أشار هاينز كليبرت، المحاضر بمعهد تدريب المعلمين بمدينة لاندو جنوب غرب ألمانيا، إلى أنّ أحد الأبحاث المتخصّصة في مجال التعليم، أظهر أنّ ذهن الأطفال يحتفظ بصفة خاصة بما يقولونه، أو يشكّلونه بأنفسهم، أو من خلال القيام بأمر ما على طريقتهم المختلفة، فذاكرة الطفل ذات طبيعة مشخّصة، حيث يتذكّر الخبرات التي تعطى له بصورة مشخّصة ومحسوسة وعلى شكل أشياء واقعية، الأمر الذي يؤدِّي إلى تكون التشابكات العصبية بصورة مستمرة في خلايا المخ، والتي تسهم في استعادة هذه المعلومات في ما بعد. فمثلاً لو عرضنا أمام الطفل أشياءً وصوراً مشخّصة وكلمات مجرّدة، ثمّ طلبنا منه بعد عرضها مباشرة أن يذكر ما حفظه منها، لوجدناه يذكر الأشياء والصور والأسماء المشخّصة، أكثر من تذكره الأعداد والكلمات المجرّدة، لذلك نجد أنّ التلاميذ لا يجنون من وراء حشو الرأس بالمعلومات، والاعتماد الكلي على الحفظ دون الفهم سوى القليل من الفائدة. وأضاف المحاضر الألماني أنّ الاقتصار فقط على قراءة المادة الدراسية والإنصات إلى المعلّم أو النقل من السبورة لم يعد كافياً لتعزيز آلية التعلّم، لذا فمن الأفضل أن يقوم الأطفال بالكتابة والرسم والتكلُّم والبحث والمناقشة، حيث تترسّخ إليهم عبر الألعاب أو يتم إيضاحها من خلال إجراء التجارب في أذهانهم جيِّداً.
ونقلت مجلة "فوكوس شوله"، الصادرة في مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا عن كليبرت، أنّ التلاميذ، بصفة خاصة، يتعلّمون بصورة أفضل حين يقومون بشرح المادة الدراسية للتلاميذ الآخرين. ويطالب كليبرت المعلِّمين في المراحل الدراسية الأولى، لاسيما السنوات الأربع الأولى، بإستخدام الوسائل الحسية، والممارسة العملية المشخّصة، للوصول إلى خبرات واضحة وأكثر ثباتاً في ذهن الطفل، موضحاً أنّ الطفل يتذكّر ما هو ممتع بالنسبة له بصورة أفضل، ولمدة أطول، إضافة إلى قيامه باستخدام هذه المعرفة في كافة نشاطاته. لهذا ينصح كليبرت بإثارة الدافع للتعلّم لدى الطفل حين يراد له تعلم خبرة ما، حيث يساعد وجود الدافع على سهولة اكتسابه الخبرة كمصدر لإشباع انفعال سارٍ يواجهه الطفل، كما يسهم إستخدام المعلومات القديمة في مواقف متكرّرة في جعلها سهلة التذكر، لذلك يؤكّد كليبرت أنّ الحفظ القائم على الفهم وإدراك العلاقات، يضمن تثبيتاً، طويل الأجل، لكافة المعلومات المكتسبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق