الخميس، 28 أكتوبر 2010

ابذر الحب.. تسعد

أنت مسؤول عن سعادتك، وتستطيع أن تتغلّب على همومك لو فعلت أشياء أخرى تغطي على هذه الهموم. فأنت المسؤول عن سعادتك، مثل مسؤوليتك عن أن تأكل وتشرب.
أي علاقة بين طرفين قائمة على أخذ وعطاء، وإلا فشلت. فكما تأخذ فلابدّ أن تعطي، ولو لم تعطِ فستنتهي العلاقة، سواء أكانت بين شريكين أم زوجين أو أخوين. وليس ضرورياً أن يكون الأخذ والعطاء ماديين. فهناك مشاعر وحب، لكن لابدّ أن يقابل الأخذ عطاء.
فلو قامت حياتك على الأخذ دون العطاء، فلا يمكن أن تسعد. فلذة العطاء أحلى بكثير، عندما نعيش لذواتنا فحسب، وتبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود. أمّا عندما نعيش لغيرنا، وعندما نعيش للناس، فإنّ الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية، وتمتد بعد مفارقتنا وجه هذه الأرض.
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهماً، فتصوّر الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا. وليست الحياة بعدد السنين، ولكنها بعدد المشاعر.
عندما نعيش لأنفسنا نولد صغاراً، ونعيش صغاراً، ونموت صغاراً. وعندما نعيش للناس يمتدد عمرنا بعمر كل إنسان أدخلنا الإبتسامة والفرحة إلى حياته. إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية.
الدنيا زمن قليل، وعمرك فيها قليل من قليل، وما بقي من عمرك قليل من قليل من قليل. فأكثر من الخير تحول القليل إلى كثير لأن إسعاد من حولك هو توسيع وامتداد لعمرك، لأنّك عندما تعطي الناس تضع من عمرك في أعمارهم. فلو ردوا إليك الخير الذي فعلته معهم فكأنّهم زادوا في عمرك. ولو لم يردوه، فإن عمرك دخل في أعمارهم وتغلغلت في البشرية. وبعد هذا تخيل عطاءك.
وفكرة العطاء سعادة. فأسعد من حولك تسعد. لأنّ السعادة في إسعاد الناس.
ابذل الحب. فالإنسان محتاج إلى الحب، محتاج إلى كلمة "أحبك" وإلى مَنْ يعطيه الحنان. لا تبحث عمن يحبك، لكن ابذر الحب تحصد الحب.
ابذل الحب، تعلّم كيف تحب وتسعد مَنْ حولك. أنت في حاجه إلى تعلم الحب حتى تعيش الناس. هل يوجد إنسان لا يعرف كيف يحب؟ مستحيل طبعاً. كل الناس يحبون، لكن المشكلة في القدرة على التعبير عن الحب. وكثير من الناس غير قادرين على التعبير عن مشاعر الحب. والمشكلة تتخيل أن مجرّد الحب النابع من داخلك هو أقصى شيء. ولكن لا جدوى من ذلك، إذا لم يصاحبه بذل وعطاء.
*هناك شخصيات كتومة تحب وتكتم، مثل الرجل الذي يكتم حبه لزوجته وأولاده، ولا يعبر عنه.
* وهناك شخصيات قاسية رغم الحب، ولذلك لا أحد يصدق أنّها تحب.
* وهناك شخصيات تظن أنّ الوقار يمنعها من أن تعبر عن حبها. فتضع كلمات وأساليب الحب في كفة، ووقارها وشكلها في كفة، وتختار وقارها لأنّها ترى أنهما متعارضان.
* وهناك شخصيات خجولة تخلجل من أن تظهر مشاعر حبها.
* وهناك شخصيات أهم شيء لديها التوجيه، كبعض الآباء، الذين أصبحوا لكثرة توجيههم ليل ونهار غير قادرين على التعبير لأولادهم عن حبهم، فقد طغت الأوامر والنواهي على العلاقة، فصعب عليهم أن يبدوا عاطفة بعدها.
* وهناك شخصيات عاطفية، لكنّها ترى أنّ الطرف الآخر لا يستحق الحب، إما لشيء سيِّئ فيه، أو موقف أساء فيه، فلا يستحق أن تعطيه من حبها. ولذلك لا تعبر له عن حبها.
* وهناك شخصيات بخيلة "وأحضرت الأنفس الشح". شح الأنفس أسوأ من شح الجيوب.
* وهناك شخصيات ترى أنّ القوة هي التي تحل المشاكل المعقدة، وليس الحب أبداً.
* وهناك شخصيات ترجو أن تعبر عن عاطفتها ولا تعرف كيف، وما هي الوسائل التي تعبر بها عن حبها للآخرين. فالحب له وسائل ولكنها لا تعرفها.
وكل هؤلاء يفتقدون متعة جميلة هي متعة التعبير عن الحب. ولأن من خصائص الحب أنّه علاقة تبادلية بين طرفين، فلابدّ أن تزرع الحب لتحصد الحب. إنّ عدم تبادل الحب بين الناس يجعلهم يفتقدون أجمل سعادة في الدنيا.
الحب يحرك الحجر. الحب أقوى علاج لمشاكل لايمكن أن تعالج بغير الحب، مثل غيرها من المشاكل. الحب بديل للدماء في كثير من الأحيان. الحب يحول العدو إلى صديق.
كل هؤلاء يمتلكون العاطفة لأنّهم بشر، لكنّهم مفتقدون كيفية التعبير عنها، وهم لذلك مفتقدون السعادة ويتألمون أكثر لعدم قدرتهم على التعبير عما في داخلهم، ومحرومون بذلك من أحلى سعادة في الدنيا. أجمل ما خلق الله للبشر هو الحب. كل الناس يحبون لكن ليس كل الناس قادرين على التعبير عن الحب. بالتالي، يفقدون تبادل المشاعر مع الآخرين.
إنّ مجرّد الحب لا يحقق سعادة، ولكنّ بذل الحب وعطاءه هما قمة السعادة.
الحب أقوى سلاح في الدنيا. فإذا أردت أن تصلح الدنيا، فسلاح الحب أقوى من سلاح القوة. وإذا أردت أن تصلح أولادك، فسلاح الحب أقوى من سلاح العقوبة. بل لو أن لك أعداء فإنّك تستطيع قتالهم وأنت أعزل بالحب وهم مدججون بالسلاح. قاتل أعداءك بالحب، واكسب الناس كلّهم بالحب، واجمع حولك زوجتك وأولادك وأهلك بالحب، وواجه أعقد مشاكلك بالحب.
نفذ ذلك في شركتك. أنت تعرف الإدارة بالأهداف، والإدارة بالتحفيز وغير ذلك. لكن، هناك إدارة اسمها الإدارة بالحب.
الحب أفضل وسيلة لتوجيه أولادك. قدم الحب. الحب أفضل وسيلة للتعليم وللتوجيه. وجّه الناس عن طريق الحب أوّلاً. غلِّف نصائحك بالحب، وحفز الشباب بالحب.
- كيف يواجه الآباء أبناءهم عند الخطأ؟
ترى والداً يتوجه إلى ابنه بالقول: "عندما كنت في مثل سنك لم أكن مهملاً هكذا.. المهمل فاشل". وتراه يقول لابنته: "أنتِ لن تنجحي كزوجة، وأنتِ مهملة".
أنت تظن أنّ هذا الكلام صحيح عقلاً، لكنك لم تبدأ بالعاطفة أوّلاً. الشباب يحتاج منك إلى أن تدخل من قلبه إلى عقله، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحب طريق التوجيه. يوجه بالحب أوّلاً، ثمّ النصيحة.
قل لمن حولك كلمات الحب المباشرة. أعلن محبتك. لا تكتمها ولا تكبتها ولا تخجل منها. أخرجها بتلقائية. عبر عنها بكلمات واضحة. هذه أقوى وسيلة. الكلمة أقوى وسيلة تعبير. قل لمن حولك كلمات حب مؤثرة، بلا خجل ولا كتمان، بصراحة وتلقائية. الكلمة الرقيقة التي كلها حب هي كلمات مؤثرة مع ابنك، مع زوجتك، مع أبيك وأُمّك، مع إخوتك، مع كل الناس.
جربوا أجهزة الإرسال التي لديكم في بذر الحب. ابذل الحب لإبنك من دون شروط. أعطي زوجك حباً لو لم يعطلك حباً. أعط الناس حباً. إعطاء الحب لذة ما بعدها لذة.
عامل الناس بحب. عامل زوجتك بحب. عامل عائلتك بحب. عامل والديك بحب. حلّ المشاكل المعقدة بالحب مع الآخرين، واجه مشاكلك بالحب وليس بالقوة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يحل المشاكل المعقدة الصعبة بالحب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق