السبت، 6 نوفمبر 2010

اغرس في أبنائك مكارم الأخلاق


أُنظر إلى أخلاق ولدك أو ابنتك، تعهّدْهما بالرعاية والصيانة من كل سوء، ادعُ الله لهما دوماً بالهداية والتوفيق، أرضَ عنهما.. واسأل الله أن يحفظهما من كل مكروه..
يقول الدكتور مصطفى السباعي – رحمه الله –:
"الأب الجاهل يفرح بجمال ولده، ولا يبالي بقبح أخلاقه.. والأب العاقل يفرح بأخلاق ولده، وإن كان من أقبح الناس..".
فالأطفال كالإسمنت المبلل، أيُّ شيء يسقط عليه يترك أثراً.. فانتبه إلى تصرُّفاتك، إلى حديثك؛ فكل كلمة وكل عمل أو فعل سوف يؤثِّر في أبنائك وبناتك.
وبعض الأطفال يكره المدرسة، ولا يريد أن يتعلَّم، ولابدّ من تحبيب الطفل بالعلم والدراسة بشتى الوسائل.. أخبره كيف يصير في المستقبل عندما يتعلّم.. أعطه مثلاً من أقاربه الناجحين..
وإليك بعض النصائح لتغرس في أبنائك مكارم الأخلاق:
1- كن صادقاً كل الصدق مع أولادك، أجب على أسئلة أولادك ببساطة وصدق، وشجّع أولادك على الصدق، واحذر الطريقة الفظة بإمساكهم متلبِّسين بالكذب!.. وعند مشاهدة مشهد في التلفاز، أوضح لأبنائك النتائج المترتبة على الخداع والغش والسرقة.
إذا كسر أحد أبنائك إناء في البيت فلا تسأل بلهجة ساخطة: "مَن فعل هذا؟" فاللهجة الساخطة تدفع الصغير إلى الكذب، وأفضل من هذا تقول: "سيتضح لي مَنْ كسر الإناء، وسأكون مسروراً من قول الحق".
ذكّر أبناءك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له".
وقوله صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن مَن خانك".
2- امدح أطفالك على كل محاولة فيها جرأة حميدة.. كافئ أقل بادرة للشجاعة فيهم حتى ولو بدرت في السنوات الأولى.
أظهر الشجاعة أمام أطفالك وتحدَّث عنها، ولتكن شخصيتك نموذجاً لهم، ويحسن بك أن تخبر أطفالك بالصعوبات التي مرّت في حياتك دون تبجُّح، بل بطريقة نزيهة تجعلهم يعلمون أن هناك أشياء صعبة حتى على الناس الكبار.
علِّمهم أنّ الشجاعة هي أن تفعل ما هو صحيح وضروري، أن تبادر إلى عون الآخرين، أن تفكّر باتّخاذ القرار الصحيح قبل مواجهة الموقف، وأن تستعين بالله قبل الشروع في أيّ عمل.
3- ذكِّر أولادك بالمبدأ القرآني: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت/ 34).
علِّمهم أنّ الناس لو اتبعوا هذا المبدأ لما كانت هناك خصومات ومحاكمات، ولا نزاعات ومشاجرات..
علِّمهم أنّ معاملة الناس تحتاج إلى تواضع، وتأنٍّ، وضبط نفس، وأنّ التواضع قوة لا مهانة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتواضع من دون إذلال ولا بغي؛ قال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، ولا يبغِ بعضكم على بعض".
وأن علينا الرفق في الأمور كلّها؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف".
وأنّ الهدوء وضبط النفس من الفضائل العظمى، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل".
وأنّ المؤمن لا يكون فظّاً غليظاً؛ فالله تعالى يقول: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران/ 159).
4- علِّم أولادك أن على الإنسان أن يعمل، ويجدّ في عمله، فالله تعالى يقول: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة/ 105)، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده".
وأنّ على الأولاد أن يعملوا بجد ونشاط في دراستهم كي يستطيعوا الإعتماد على أنفسهم عند الكبر فيأكلوا من عمل أيديهم.. وكن قدوة لغيرك، وأشعرهم أنّك دوماً تسعى في سبيل الأفضل والأرقى في عملك وفي كل مجالات الحياة.
ادرس أطفالك واعترف بمواهبهم، وساعدهم على أن يدركوا ذاتهم؛ فهناك حقيقة يسلّم بها المربون تقول: "ليس الأطفال معجونة غضارية نقلِّبها كما نشاء"؛ فالأصح أن نقول: إنّهم عبارة عن "شتول صغيرة" لها خصائصها الذاتية، فلا نستطيع أن نحوِّل شتلة رمّان إلى شجرة إجاص، ولكن علينا أن نسعى ونساعد كل شجرة كي تنمو نموها الخاص بها.
دع أولادك يحطِّمون أرقامهم القياسية بدلاً من مقارنة أنفسهم بالآخرين.. فنشجعّهم على أن يكونوا هذا العام في المدرسة في مركز أعلى ممّا كانوا عليه في العام الماضي.
امتدح فيهم كل جهد يبذلونه، وعلِّمهم أن يقولوا إذا عجزوا: أنا لا أستطيع أن أفعل كذا أو كذا، ولكنني أستطيع أن أفعل هذا وذاك.
اقترح على أطفالك أكثر ممّا تأمرهم كلما استطعت، وسلهم فيما إذا كان أحدهم يحتاج إلى المساعدة بدلاً من فرض مساعدتك.
اسأل طفلك عن موطن الضعف الكبير عنده، عن مشكلته الكبرى حسب رأيه، وساعد طفلك على أن يدرك أن لكلّ هم يقلقه حلّاً مؤكداً من الحلول، والله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح/ 5-6).
5- علِّم أولادك الإعتدال في كلّ أمر مباح من طعام وشراب وكلام ورياضة ومصروف.. وعلِّمهم أن يعرفوا حدود الجسم والعقل، وأن يتجنَّبوا التطرف وفقدان التوازن، فقد وصف الله تعالى أُمّة الإسلام بقوله: (وَكَذلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَةً وَسَطاً) (البقرة/ 143).
قل لهم: إنّ الإفراط في الطعام يجعلك تبدو أكثر سمنة، والإفراط في اللعب ربّما يُتعبك أو يُنهك جسدك، والإفراط في مشاهدة التلفاز يمنعك من الدراسة، وله سلبيات أخرى.
اسمح لأطفالك أن ينفقوا بأنفسهم أموالهم الخاصّة، وشجِّع أولادك على أن يتبرعوا ولو بنسبة مئوية صغيرة للفقراء والمساكين.
6- إغرس في أولادك العفة عن الحرام، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) (المؤمنون/ 5-6)؛ فالآباء المتعففون الشرفاء، يخلِّفون أبناء عفيفين شرفاء مثلهم، وليتذكر الشباب أن أغلى هدية تقدم للزفاف، عفة تسبق الزواج وترافقه، وإخلاص للشريك بعده ويسايره.
ورغم أن بعض الآباء لم يكونوا في شبابهم يعرفون العفة والإلتزام بها، إلا أنّك تجدهم الآن يتوقون بصدق، ويأملون بإخلاص أن يكون أبناؤهم في نجاة من الفاحشة في عصر الأيدز الرهيب!.. فكن أيّها الأب نموذجاً في العفة لأطفالك، ولا تنسَ أن تبيّن لهم: أن في العفة وعداً بالسعادة لكلّ الذين حفظوا نقاوتهم وضبطوا أنفسهم إلى أن وصلوا إلى الزواج.
ولاشكّ في أن تعليقاتك على ما يشاهدونه في التلفاز والمسلسلات، أو في الكتب والمقالات؛ ينبغي أن تكون مدروسة، فتؤكّد دون تصنُّع جمال الحشمة ومهابة الإلتزام بالدين، ونتائج التمسُّك بالأخلاق الحميدة، فينال الإنسان رضا الله أولاً، ويحفظ صحته ثانياً، ويسعد في دنياه وآخرته.
وزمام العفة ليس موجوداً من أجل القضاء على حرّية الإنسان أو تدميرها كما يزعم أهل الهوى، وإنّما هو أداة للانتفاع بها وتوجيهها في صالح البشر، وبغير زمام العفة فإن من الجائز في كل لحظة أن تنطلق الغريزة (الثاوية في أعماق الإنسان) إلى حيث تهلكه وتهلك معه.
7- ذكِّر أولادك دوماً بالمبدأ القرآني في قوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا) (الإسراء/ 34)، وأكّد لنفسك وللآخرين أنك رجل منضبط تفي بوعودك، وجدير بالإعتماد عليك.. وإذا أردت أن تكون جديراً بالثقة فعليك أن تبدأ بأبسط الأمور؛ حدّد أقوالك؛ فتعد "زيداً بأنّك ستذهب إليه في الساعة السابعة مساء" بدلاً من القول العام "سأمر عليك بعد المغرب".. وتقول لولدك: "سأذهب مهما كنت مشغولاً؛ لأنّني أريد أن أكون معك وأنت تلقي خطابك في المدرسة" بدلاً من القول: "ذكرني فإنني عازم على الذهاب لحفلتك في المدرسة".
اشكر أولادك عندما يبكِّرون في الذهاب إلى المدرسة صباحاً، وعندما يتقيدون بالوقت في مواعيدهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق