الحقيبة المدرسية مشكلة تظهر مع بداية كل عام دراسي، وتستمر إلى أن يجد الأبوان لها حلا، سواء بحمل الحقيبة عن أطفالهم في رحلة ذهابهم وإيابهم يومياً للمدرسة، مما قد يعطلهم عن أعمالهم! أو بتنظيم جدول حصصهم، و على الرغم من ذلك تظل الحقيبة ثقيلة على عظام وأكتاف هؤلاء الأطفال؛ ليستمر بذلك القلق والإرهاق والألم من الحقيبة المدرسية، خاصة بعدما أكد الأطباء والخبراء أثرها الضار على نمو الأطفال، وما قد ينتج عنها من تقوسات وانحناءات في العمود الفقري وآلام للظهر.
ويرى خبراء التربية أن كثيراً من الأطفال قد يكرهون المدرسة؛ بسبب هذه الحقيبة الثقيلة المحمّلة بالكتب الدراسية والدفاتر والأدوات والأشياء الأخرى. فيجد الطفل نفسه مضطراً لملازمتها في مراحله التعليمية الأولى داخل وخارج البيت، مثل: لعبة أو كرة، ولكنها غير محببة إليه، مما يزيد أو يضاعف من وزن الحقيبة، وحينها لا يكون مدهشاً أن يرفض الطفل المدرسة أو يكرهها بسبب هذا العبء، وقد يشترط على والديه الذهاب للمدرسة ولكن بدون حقيبته الكريهة المؤلمة.
أريد حلاً:
سألنا عدد من الأطفال عن حقيبة المدرسة. ومنهم: الطالبة: آية سمير " 9 سنوات" أعربت عن ضيقها من ثقل الحقيبة المدرسية، فهي مضطرة لحمل جميع الكتب والأدوات الدراسية يومياً، حيث يضم اليوم الدراسي سبع حصص وقالت: "في حالة فقدي أو نسياني لأحد الكتب أو الأدوات الدراسية فلا نجد من المعلم سوى العقاب سواء بالضرب أو التعنيف".
أما عبد الله محمد السيد " 10 سنوات " فما أن عاد إلى بيته بعدما أمضى أول يوم دراسي تسلم خلاله الكتب الدراسية و وضعها في حقيبته، حتى طلب من أبويه حلاً بعدما أثقلت الحقيبة المليئة بالكتب كاهله، في طريقة للعودة خاصة، وأن أخته " هالة " التي تصغره في السن تتعلم بنفس المدرسة، وتطلب منه أن يحمل لها حقيبتها عندما تشعر بالتعب أو الإرهاق.
منى محمود " أم لطفلتين بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية "فتشفق على أولادها من ثقل الحقائب، مما جعلها توطن نفسها على توصيلهما للمدرسة، منذ صغرهما لتحمل عنهما الحقيبة. وتقول: "إذا كنت أنا أشعر التعب والإرهاق من حملي لحقائب بناتي! فكيف بهن وهن لم يتجاوزن بعد طفولتهن؟ ومرحلة النمو التي قد تتسبب لهم الأحمال الثقيلة خلالها في تشوهات العمود الفقري أو الشعور بالألم".
ويرى جوده السيد " أب لطفلة 8 سنوات بالصف الثاني الابتدائي، وطفل بالصف الثاني اد.دادي " أن شنطة المدرسة عبء كبير على الأطفال وأولياء أمورهم معاً. فهو مضطر لتوصيل أولاده يومياً بالدَّراجة، كل إلى مدرسته رغم أنها ليست بعيده عن المنزل، ولكن وزن الحقيبة خاصة الابن الأكبر يتجاوز أحيانا العشرة كيلو جرامات! ومن الصعب عليه حملها، والسير بها يوميا ذهابا وإيابا من وإلي المدرسة.
ويشاركه الرأي محمد عبد السلام ويضيف قائلاً: أنا أب لثلاثة أبناء بالابتدائي والإعدادي وأمتلك سيارة، ولكن ظروف عملي لا تسمح لي بتوصيلهم يومياً للمدرسة، وأحسُ بالإشفاق عليهم. فحتى الحقيبة المدرسية قد أصبحت عبأً عليهم .. ويتساءل: إلى متى سيستمر الأبناء يدفعون من صحتهم عواقب سوء التخطيط في العملية التعليمية؟
حتى تجنبي أطفالك الآم وتشوهات العمود الفقري:
وبسؤال الأطباء والمتخصصين عن أثر الأحمال والأوزان الثقيلة على نمو الأطفال قال د . محمد عاطف " أستاذ جراحة العظام ": "إن الحقيبة المدرسية تمثل خطراً كبيراً على أطفالنا خاصة في مراحل النمو الأولى؛ لما تسببه من آلام مبرحة وإصابات قد تصل إلى حد تشوهات بالعمود الفقري كالانحناء والتقوس. خاصة لدى البنات في سن ما قبل البلوغ حيث تكون عضلاتهن ضعيفة وأقل تحملاً من البنين".
وعن سبل حماية الأطفال من الآلام والتشوهات الناتجة عن حمل حقيبة المدرسة الثقيلة فقد أكد د. عاطف على عدّة نصائح مهمة.
أولها: أن يحمل الطفل الحقيبة على الكتفين معاً وليس على كتف واحد، لتوزيع الحمل عن الظهر وتخفيفه.
وثانياً – وهو الأفضل - أن يلتزم الطفل بجدول الحصص المقرر عليه، فلا يحمل كل كتبه يومياً للمدرسة. مؤكداً على دور المعلم داخل المدرسة في التنبيه على التلاميذ بتنظيم الجدول، وعدم حمل الكتب أو الدفاتر في غير الضرورة، مع تأكيد إدارة المدرسة على الالتزام بجدول الحصص حتى لا يفقد التلميذ الثقة بمعلميه أو بمدرسته؛ وحتى لا يكره الذهاب للمدرسة.
موضحاً أن حمل التلميذ لكتب ليس في حاجة إليها، يوجد نوعاً من الاتجاه المضاد في التعامل فلا يقدر قيمتها وقد يطولها بالتخريب.
وحذر د. عاطف من حمل الحقيبة في اليد؛ حيث إن ذلك يؤدي إلى انحناء الجسم للجانب أو للأمام كما يتسبب في العديد من الآلام والمشاكل الأخرى.
مواصفات الحقيبة المدرسية:
كما طالب د. عاطف الآباء بمراعاة عدة شروط عند شراء الحقيبة المدرسة من البداية، وهي أن تكون خفيفة الوزن، فلا ينخدعا بالشكل الجذاب والألوان المبهرة وينصرفا عن هذا الشرط الهام، وأن تكون لها حمالات كتف محشوة، وأن يكون ظهر الحقيبة المواجهة لظهر الطفل مبطناً لتخفيف الضغط عليه.
ويؤكد علي زايد " خبير تربوي " على أهمية توزيع جدول الحصص بحيث يشمل أنشطة يوميه تعتمد على تقديم المعلومات والبحث والإطلاع بالمكتبة، أو مزاولة الأنشطة داخل حجرات الكمبيوتر والتربية الفنية والأنشطة الرياضية والترفيهية والمجالات المختلفة، وهو ما يساعد على تخفيف العبء عن الأطفال ذهنياً وجسدياً، في كون التعليم يعتمد على الأنشطة والتدريبات العملية والمناقشات، وهي أساليب أفضل كثيراً من أسلوب الحفظ والتلقين التي يعتمدها الكتاب المدرسي والتي تقلل القدرة على التفكير والتجديد وتقتل ملكة الإبداع. كما تجعل التلاميذ يشعرون بالتسلط وهو أسلوب خاطئ. ومن هنا علينا اعتبار العملية التعليمية تعتمد على الكيفية وليست الكمية، أي أنها تعتمد على نوع الخبرة وهذه سياسة الدول المتقدمة في التعليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق