الخُنَّاق أو الدفتيريا Diphtheria مرض معدٍ ووبائي خطير، يصيب الأطفال عادة تحت سن الخامسة، ولكن قد يصيب الأطفال الكبار حتى سن 15 سنة، والجدير ذكره أن الطفل يولد وعنده مناعة ضد الإصابة بالدفتيريا حتى سن ستة أشهر، بعد ذلك يزداد الاستعداد للإصابة بالمرض·
وهو مرض ينتج من الإصابة بعصيات الدفتيريا في أي فصل من فصول السنة، وهو يصيب معظم أجزاء الجهاز التنفسي العلوي مثل الأنف والبلعوم والحنجرة، ويمكن أن يصيب العين والجلد، ولكن أكثر أنواع الدفتيريا انتشاراً هي دفتيريا اللوزتين·
ولقد أطلق على هذا المرض اسم >الخناق<، نظراً لتكون غشاء رمادي اللون بالحلق، يضيِّق من اتساع الحنجرة، ويسبب لها انسداداً ميكانيكياً، قد يؤدي إلى اختناق الطفل إذا لم يسعف سريعاً، وقد تؤثر سموم عصيات الدفتيريا في عضلات البلعوم والحنجرة والحجاب الحاجز وعضلات ما بين الأضلع فيحدث اختناق للطفل المصاب بسبب عدم قدرته على التنفس· طرق العدوى وتنقل العدوى >مباشرة من الطفل المريض إلى السليم بوساطة الرذاذ المحمل بعصيات الدفتيريا الذي يتناثر من الفم أو الأنف أو الحلق، كما أن العدوى تحدث بطريقة >غير مباشرة عن طريق المتعلقات الشخصية للطفل المريض وبخاصة المناشف أو المناديل أو اللعب أو الكتب أو أي شيء آخر يستخدمه الطفل المريض· وقد تنتقل العدوى عن طريق ما يطلق عليه >حامل المرض Carrier، وهو شخص يبدو صحيحاً سليماً ورغم ذلك يكون حاملاً لميكروب بعض الأمراض ولا تظهر عليه أعراضها··· ويلعب اللبن الملوَّث، والذباب، والحيوانات المنزلية، وبخاصة القطط والكلاب دوراً مهماً في نقل ميكروبات الدفتيريا من طفل مريض إلى آخر سليم· وتنتقل العدوى كذلك عن طريق >الملامسة كما في دفتيريا الجروح والعينين· ويكون المريض مُعدِياً من بداية المرض حتى سقوط الغشاء الذي يتكون على الحلق أو اللوزتين وحتى تصبح المسحة من الحلق سلبية لعصيات أو ميكروبات الدفتيريا·
صورة المرض
بعد فترة حضانة لعصيات الدفتيريا تتراوح من 2 ـ 8 أيام تظهر أعراض على هيئة ألم في الحلق، وصعوبة في البلع، مع ارتفاع درجة حرارة الجسم التي ربما تصل إلى 39ْ· ويسرع نبض الطفل، ويفقد شهيته للطعام، ويقل ميله للعب، ويبدو شاحباً متعباً·
ونظراً لاستقرار ميكروب الدفتيريا في اللوزتين والغشاء المخاطي المحيط بهما، تحدث التهابات حادة للأنسجة السطحية يصاحبها خروج للبلازما وللخلايا من الأوعية الدموية التي بدورها تتمدد وتتسع، وتتجلط البلازما فوق الوزتين وفي سقف الحلق، ومن ثم يتشكل >الغشاء المميز لمرض الدفتيريا، وهو غشاء لونه رمادي Grey حوافه مرتفعة قليلاً، يوجد على إحدى أو كلتا اللوزتين، ويكون ملتصقاً بالأنسجة التي تحته، فإذا نزع منها يترك سطحاً ينزف منه الدم، ويحتوي هذا الغشاء على كمية كبيرة من ميكروبات الدفتيريا التي تفرز سموماً بالدم ومنه تنتقل إلى أعضاء الجسم مثل القلب والجهاز العصبي مسببة بذلك هبوطاً بالقلب وتسمماً في الدم··· ومن هنا جاءت خطورة هذا المرض وخطورة إهمال علاجه سريعاً· وفي الحالات الشديدة، تزداد حال الطفل خطورة وتدهوراً، وقد تضعف أو تختفي المؤشرات العصبية لديه، ويزداد القيء وشحوب الوجه، ويمتد غشاء الدفتيريا ليغطي جزءاً من آخر الفم والأنف، محدثاً إفرازاً دموياً غزيراً من الأنف والفم، كما تتضخم الغدد الليمفاوية بالرقبة، فتبدو رقبة الطفل قصيرة وغليظة أشبه ما تكون برقبة الثور Bull - Neck·
وتعد >دفتريا الحنجرة أخطر أنواع الدفتريا قاطبة نظراً لأن الغشاء يضيق من اتساع الحنجرة، ويسبب لها انسداداً ميكانيكياً، فلا يستطيع الطفل التحدث ويتكلم كالمخنوق، أو يحدث له اختناق ويظهر هذا واضحاً وخصوصاً عند الأطفال الصغار، ومن هنا قد يكون من الضروري عمل شق في القصبة الهوائية تتيح للهواء أن ينفذ منها·
مضاعفات الدفتيريا
تتنوع المضاعفات التي تسببها الدفتيريا، فقد تؤثر سموم ميكروب الدفتيريا على أي عضو من أعضاء الجسم وبخاصة القلب والأعصاب والكلى وغيرها، وأشهر مضاعفات الدفتيريا هي: الالتهاب الرئوي الشعبي، والتهاب عضلة القلب، وهو من المضاعفات الخطيرة والكثيرة والحدوث، وهو يؤدي إلى هبوط أو فشل القلب·
ومن المضاعفات الخطيرة للدفتيريا حدوث >الشلل الدفتيري في الأسبوع الثاني أو الثالث من بدء المرض، وقد يؤثر على عضلات البلع والعين والوجه والأطراف، أو يصيب عضلات البلعوم والحنجرة والحجاب الحاجز وعضلات ما بين الأضلع، فيحدث اختناق بسبب عدم القدرة على التنفس نتيجة شلل العضلات المسؤولة عن التنفس، ومن أمثلة الشلل الدفتيري: شلل اللهاه· وفي هذه الحال يتكلم الطفل من أنفه ويرجع السوائل التي يتعاطاها عن طريق أنفه، وشلل عضلات العين، فيصاب الطفل بالحول، وشلل الأطراف، وشلل عضلات الحجاب الحاجز، وعضلات ما بين الضلوع··· لذا يجب علاج الطفل فوراً في المستشفى، وفي معظم الحالات لا يستمر هذا الشلل طويلاً والشفاء منه مضمون بإذن الله·
العلاج
1 ـ يجب الإسراع بإدخال الطفل المريض إلى المستشفى··· مع تأمين الراحة التامة في الفراش مدة لا تقل عن 3 أسابيع·
2 ـ من المهم جداً إعطاء الطفل المصل المضاد للدفتيريا >وهو مصل غني بالأجسام المضادة القادرة على إبطال مفعول السم الصادر عن ميكروب الدفتيريا بمعدل 10 ـ 100 ألف وحدة حسب حال الطفل المريض·
3 ـ إعطاء الطفل المضادات الحيوية المناسبة، وليكن البنسيلين في كثير من الحالات لكي يعادل تسمم الدم·
4 ـ يجب الإسراع في علاج مضاعفات المرض في حال حدوثها وبخاصة الاختناق أو ضيق التنفس، وذلك في أقرب مركز إسعاف أو مستشفى، وذلك لسرعة تنظيف الممرات الهوائية التنفسية وتفادي الاختناق ونقص الأوكسجين عند الطفل·
الوقاية
1 ـ التطعيم الإجباري لكل الأطفال >بالطعم الثلاثي ضد الدفتيريا والسعال الديكي والتيتانوس (D.P.T) ويتم ذلك بحقنه في العضل على ثلاث جرعات >في الشهر الثاني والرابع والسادس من عمر الطفل<، ثم جرعة تنشيطية بعد 18 شهراً، وجرعة منشطة أخرى عند بلوغ الطفل 6 سنوات· 2 ـ يجب عزل الطفل المريض بعيداً عن إخوته في البيت أو زملائه في المدرسة· 3 ـ إعطاء مصل الدفتيريا لكل المخالطين للمريض، وسرعة عرض المريض على الطبيب الاختصاصي· 4 ـ يجب على الأم الاهتمام بنظافة طفلها الشخصية بكل أبعادها· 5 ـ يجب على الأم نصح طفلها بعدم تناول الأغذية والأطعمة والأشربة من الباعة الجوالين· 6 ـ غلي اللبن جيداً، ومقاومة الحشرات والذباب بصفة خاصة· 7 ـ عدم استعمال أدوات الآخرين وبخاصة المناشف أو الفوط أو المناديل أو اللعب· 8 ـ يجب تهوية فصول المدارس، وتجنب الأماكن المزدحمة والسيئة التهوية·
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق