تعتقد بعض الأسر أن الطفل الوحيد مشكلة، وأنه لا يمكن أن يشعر بالسعادة لعدم وجود إخوة له. ولكن هذا الأمر ليس صحيحاً، ولا بد أن يعرف كل من الوالدين كيف يتعامل مع ابنه في هذه الحالة، مع توفير الفرصة له للاختلاط مع أطفال آخرين وتكوين صداقات تجدّد له حياته.
يعتبر القلق على الإبن الوحيد والحماية الزائدة له هاجساً يراود كلاً من الأب والأم، ما يشكّل مصدر إزعاج للطفل وسبباً في حدوث الكثير من الضغوط النفسية عليه. ولكن، مع مرور الوقت يدرك الطفل أسباب هذا القلق، الذي قد يزول تدريجياً. والطفل الوحيد ليس مشكلة بالشكل الذي يمكن تصوّره، لو اتّبع والداه طريقةً سليمةً في أسلوب تربيته. وفي هذا الإطار، ترى إختصاصية علم النفس "أن هناك عوامل عدّة تؤثر في هذه التربية، منها: شخصية الوالدين وطبيعة علاقتهما الزوجية ومستواهما التعليمي ووضع الأسرة المادي والوسط الذي ينشأ فيه الطفل"، مضيفةً "لا بدّ أن يكون لدى الوالدين قناعة، وهذه الأخيرة تنعكس إيجاباً على كيفية تربية الطفل بشكل سليم، بدون المغالاة في الحماية".
مميزات...
ثمة مميزات عدّة يتمتّع بها الطفل الوحيد ويغفل عنها بعض الآباء، ومنها الشخصية القيادية، بالإضافة إلى إمكانية الضبط الذاتي، وهذا ناتج طبعاً عن الوقت الكافي الذي يمنح له في التربية وأيضاً الأسلوب الصحيح في التعامل معه من دون مبالغة أو تفريط. ولكن، قد يُحرم الطفل الوحيد هذه المميزات في الحالة التي يحظى فيها بالحماية الزائدة المرفقة بالخوف الشديد عليه، لتتحوّل إلى مشكلات نفسية بنسبة أعلى من مشاكل الأطفال الآخرين.
الطفل الوحيد المدلّل
إن الطفل الوحيد المدلّل غالباً ما يكون أنانياً ويحب السيطرة على كل من حوله. وفي المقابل، قد نجده إنطوائياً على نفسه ومتقلّب المزاج، وقد يكون ضعيف الشخصية في الكثير من الحالات، بالإضافة إلى عدم قدرته على تحمّل المسؤولية في الحياة. ولذا، يجدر بالوالدين إدراك وتعلّم الطرق السليمة في تربية الطفل الوحيد، والتي تتمثّل في:
- الموازنة في التربية:
إن مشكلات الطفل الوحيد تكمن في استجابة الأبوين لكلّ طلباته و رغباته، ما قد يجعله أنانياً في كثير من الأوقات حيث يعرف حقوقه أكثر من واجباته! وحينما يتمّ منعه من بعض الحاجات، فهذا لا يعني حرمانه بل تنشئته تنشئةً صحيحةً حتى يخرج هذا الطفل للمجتمع، وهو قادر على مجابهة الحياة.
- الإعتدال في تدليله:
إن الطفل الذي يتربّى في جو من الدلال المفرط ينشأ ضعيف الثقة بنفسه، ويميل إلى الإتكال على الآخرين، ويكون غير قادر على الإستقلال عن والديه. وهناك العديد من الآباء الذين يصل بهم الحال إلى أن يصبحوا غير قادرين على الإبتعاد عن طفلهم الوحيد ومفارقته، ممّا يشكّل له عقبة أمام نجاحه واكتمال نضوجه النفسي والإجتماعي.
- القلق والخوف المفرط:
يخشى كثير من الآباء على طفلهم الوحيد بطريقة مبالغ فيها، ما يشعره بالقلق والضغط النفسي، ويزيد من إحساسه بالحرمان.
خطأ يرتكبه الآباء
ليست مشكلات الطفل الوحيد ناتجة عن المبالغة غير الطبيعية التي تتعلّق بالجانب السلوكي والتربوي من قِبل الوالدين، بل هناك جوانب أخرى تستغلّ فيها صحة الطفل، وهو ما يرتكبه الوالدان نتيجة قلّة خبرتهما ومبالغتهما في العناية به. فعلى سبيل المثال، يبالغ الأبوان في حثّ ابنهما الوحيد على استهلاك الأدوية كتعبير عن حرصهما على صحته، وقد تكون لهذا التصرّف نتائج عكسية أو أن يحاول الأبوان أن يحقّقا من خلال العناية بابنهما الوحيد ما لم يحقّقاه في حياتهما، كأن يرهقاه بالدرس ليكون متفوّقاً على أقرانه وزملائه، رغم أن إمكانياته العقلية والجسدية قد لا تسمح له بذلك، ممّا يجعله يلجأ إلى التظاهر بالمرض كمحاولة لاستعادة ما كان يتمتّع به من اهتمام... ورغم كل هذه الأزمات التي يمكن حدوثها مع الإبن الوحيد، إلا أن توفّر الوعي عند الوالدين من شأنه أن يبعد طفلهما الوحيد عن هذه المشكلات وذلك بتوفير الوقت الكافي للعناية به عناية سليمة متوازنة حتى يكون عضواً منتجاً داخل المجتمع.
كيفية التعامل
إن العملية التربوية لا تخضع كلياً لإرادة الوالدين ورغبتهما، وإنما هي عملية تتدخّل فيها القيم الإجتماعية التي تسود المجتمع وتنعكس على الأسرة لتؤثّر في سلوك أفرادها. والطفل، بدوره، يتأثر بما يلاحظه من سلوك أبويه و باقي أفراد أسرته أكثر مما يتأثر بالأوامر والنهي. لذا، فإن تعامل الوالدين مع الطفل يجب ألا يكون شكلياً يقتصر على إفعل ولا تفعل، وإنما يجب أن يكون سلوكهما الذي يراه الطفل ويتأثر به منسجماً مع التعليمات التي يحدّدانها له من واجبات. كما يجب أن يتيح له أن ينمو ذهنياً وجسدياً واجتماعياً بطريقة طبيعية، بعيداً عن الضغط والإكراه، وذلك ليصبح قادراً على الإعتماد على نفسه وعلى تحمّل المسؤولية في المستقبل.ولنتجنّب تأخر الكلام وبعض المشاكل النفسية الأخرى، يجب أن نتعامل ونربّي الطفل بطريقة صحيحة، لكي ينمو وينشأ بشكل طبيعي وسليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق