إنه عالم مثير حقا لم يكتشف العلماء كل أسراره بعد.. فكلما تعمقت الدراسات الطبيعية في عالم التوائم يتبين لها وجود أسرار جديدة لم تكن معروفة من قبل.. ولأن الإنجاب هو أمل كل زوجين في الحياة، فإن الزوجة تلجأ إذا تأخر الإنجاب إلى تعاطي الأدوية المنشطة التي تعد السبب الأول وراء ولادة التوائم. ومع الولادة تبدأ رحلة جديدة، من السعادة والشقاء معا في حياة الأسرة.
وفي هذا الملف الشامل نتناول عالم التوائم بكل مافيه من أسرار وحكايات.
** كيف تنجبين توأما؟
كيف يولد التوائم؟ ولماذا تلد أم توأما ولا تلد أخرى مثلها؟ هل توجد أسباب وراثية أو صحية محددة تؤدي إلى إنجاب التوائم؟ وما تأثير الهرمونات والحقن في زيادة فرص إنجاب التوائم؟
بداية، يجب أن نتفق على أن هناك نوعين محددين من الأسباب وراء إنجاب التوائم: أسباب طبيعية، وأسباب صناعية. وقبل أن نتحدث عن هذه أو تلك يجب أن نعرف كيف تحمل المرأة في توأم؟
فهذا الأمر يحدث بطريقتين: أولاهما: أن ينجح الحيوان المنوي الذكري في تخصيب بويضة واحدة لها نواتان، ثم تدخل البويضة إلى الرحم، وبعد ثلاثة أسابيع من حدوث الحمل تنفصل البويضة إلى جنينين، ويبدأ كل منهما في النمو كجنين منفصل، ويكون الجنينان من نوع واحد في تلك الحالة، أي ذكران أو أنثيان، وتحدث تلك الحالة في كل 200 ألف حالة.
أما الطريقة الثانية فهي تحدث عندما ينجح حيوانان منويان في تلقيح بويضتين منفصلتين تماما، وبالتالي يمكن أن يكون نوع الأجنة مختلفا، أي ذكر وأنثى، أو ربما ذكران وأنثيان.
وبالنسبة للأسباب الطبيعية فتتعلق بالعامل الوراثي، فهناك عائلات تعرف بأن سيداتهن لديهن استعداد أكبر من غيرهن لإنجاب التوائم. وبعد إرادة الله، فإن من أبرز الأسباب غير الطبيعية لحدوث الحمل في توائم هو تناول الأم لمنشطات للإنجاب تؤدي إلى إخراج الرحم لأكثر من بويضة بدلا من بويضة واحدة كالعادة، وبالتالي، يستطيع الحيوان المنوي الذكري أن يخصب أكثر من بويضة في وقت واحد.
ومن هنا، فإن الأطباء يحذرون دائما من تعاطي المنشطات للإنجاب دون أن تكون تحت إشراف الطبيب.
وقد صدر تحذير في العديد من دول العالم من أن حالات ولادة التوائم قد زادت بسبب محاولات علاج العقم التي تتم للمرضى، لأنها تتضمن العلاج عن طريق تناول مثل هذه المنشطات أو الهرمونات بكثرة.
وتبين أيضا من خلال الأبحاث الطبية أن معدلات التلوث المرتفعة في الأجواء تزيد من حالات ولادة التوائم بين النساء، وتأكد ذلك بعد تجارب جرت في مناطق ذات معدلات تلوث مرتفعة. ومن هنا يظهر أن التلوث وعلاج العقم هما السببان الصناعيان الرئيسيان وراء ولادة التوائم.
أما عن تأثيرات الحمل في المرأة الحامل فهي سلبية تماما، فقد أثبت الأطباء أن حمل التوائم له أضرار كبيرة على صحة الأم والأجنة معا، بما يسببه من مضاعفات للأم منها ارتفاع ضغط الدم والنزيف وتسمم الحمل والولادة القيصرية، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة نسبة الوفيات بين الأمهات.
وحتى بعد الانتهاء من مشكلات الحمل والولادة، فقد اكتشف الأطباء أن الأم التي تربي توأما تحتاج إلى 196 ساعة أسبوعيا لرعاية طفليها التوأم، في حين أن الأم التي لا تلد مولودا واحدا فقط تحتاج إلى 168 ساعة فقط، وهو ما يعني أن أم التوأم تحتاج إلى أوقات مضاعفة للنوم، كما أن الأطفال التوائم لن يجدوا الرعاية الصحية الكاملة من الأم والأسرة، خاصة إذا كانت الأسرة من الطبقات المتوسطة أو الفقيرة في مجتمعها، مما يهدد حياتهم ومستقبلهم.
** ضوء أحمر
ما الصعوبات الأخلاقية التي تواجه هؤلاء الذين عليهم أن يقرروا ما إذا كان لا بد من عمل عملية جراحية لفصل التوأم الملتصق؟
إن والدي هؤلاء الأطفال، والأطباء المعنيين بالأمر يعلمون جيدا أن مثل تلك العملية قد تضع هؤلاء الأطفال في مخاطرة كبيرة، من احتمال وفاة أحدهما أو كليهما أو أحداث اصابة في المخ لهما.
ومع ذلك فهم يعلمون جيدا أنه لو لم يتم فصل هذين الطفلين فإن حالتهما سوف تزداد سوءا.
إن قرار فصل التوأم المصري أحمد ومحمد (الملتصقين من الرأس) كان مختلفا تماما عن غيره من القرارات الخاصة بالتوائم الملتصقة، مثل الأختين الايرانيتين لادن ولالا بيجاني، اللتين توفيتا إثر العملية الجراحية لفصلهما في يوليو/ تموز الماضي، فالحالتان تحملان معاني تتعلق بحقوق الإنسان، والاعتبارات الأخلاقية والطبية التي تواجه الأهل والأطباء في مثل تلك الحالات.
وحيث ان أحمد ومحمد كان عمرهما عامين فقط فلم يكن في استطاعتهما اتخاذ قرار فيما إذا كانا يختاران حياة منفصلة عن بعضهما.
ولكن كان هناك شيء واحد مؤكد وهو أن حالتهما الصحية كان من المتوقع أن تتدهور كلما كبرا في السن وذلك في حالة استمرارهما ملتصقين.
وعلى العكس، فإن لادن ولالا بيجاني كانتا تبلغان من العمر 29 عاما. وبالرغم من أن حالتهما الصحية كانت جيده، إلا أنهما اتفقتا على المخاطرة من أجل أن تعيش كل واحدة حياة منفصلة عن الأخرى.
** شبكة BBC الإخبارية
إن حلم كل زوجين أن يرزقهما الله بطفل. ولكن لله حكمته، فمن الناس من يرزق بتوأم وليس طفلا واحدا فقط، فتتحول فرحة الأهل الى فرحتين. ومنهم من يرزق بتوأم قد يكون ملتصقا من الرأس، أو من البطن أو من الظهر، وهي كلها حالات وإن كانت نادرة، إلا أنها تحدث، فتحول فرحة الأهل إلى هم كبير، فهما أمام خيارين كلاهما مر، إما إجراء الجراحة لفصل التوأم، مع احتمال المخاطرة بحياتهما، أو قبول الوضع كما هو عليه، والرضا بالحياة بهذه الصورة. ويصبح القرار غاية في الصعوبة أمام الأهل، ولكن في معظم الاحيان يكون الحكم النهائي للمصلحة الصحية للتوأم.
وأيا كانت الأسباب وراء ظاهرة التوائم، سواء كانت وراثية أو بسبب تعاطي الأم منشطات للحمل أو بسبب التلوث، أو لغيرها من الأسباب التي أوردتها الأبحاث والدراسات العلمية، فإن كل مايرزقنا الله به هو نعمة وله في ذلك حكم.
(( شاهدة))
* محظوظة أم مسكينة؟
الأمهات اللاتي ينجبن توأما أو أكثر في حاجة إلى رعاية خاصة، والدليل على ذلك أننا نجد جمعيات ومنظمات تقام خصيصا في الدول المتقدمة من أجل رعاية هذه الفئة من السيدات. فهؤلاء الأمهات تجمعهن قواسم مشتركة عديدة، أولها أنهن كانت لديهن رغبة جامحة في الإنجاب، فهن في الغالب انتظرن سنوات عديدة لكي ينجبن أطفالا، وربما يكن قد أنفقن الكثير من الأموال على تحقيق هذا الهدف، وربما يكن قد لجأن إلى الأطباء للحصول على العقاقير أو الهرمونات اللازمة لهن لكي ينجبن، كما أن هناك بعض السيدات اللواتي كن يرغبن بالفعل في إنجاب التوائم فلجأن إلى تعاطي هذه الهرمونات عن طريق الحقن من أجل الحصول على مرادهن.
ولذلك، فإنهن لسن محظوظات كما يتصور البعض. ومعاناة المرأة التي تنجب توأما أو أكثر متشابهة، وهي معاناة مضاعفة عن معاناة أي أم أخرى أنجبت طفلا واحدا، هذه المعاناة تستطيع أي سيدة أخرى أن تتخيل حجمها إذا رأت حجم الجهد الذي تبذله أي أم لديها طفلان أو ثلاثة من أعمار مختلفة، إذ ما بالكم بطفلين أو ثلاثة يأتون إلى الحياة في آن واحد ويتعين على الأم رعايتهم معا! وتؤكد الدراسات الطبية أن القاسم المشترك بين أمهات التوائم في أي مكان وزمان هو أنهن جميعا يصبن بحالات الإجهاد البدني والنفسي والتوتر، كما أنهن أكثر عرضة من غيرهن من الأمهات للإصابة بالأمراض النفسية وعلى رأسها الاكتئاب. لدرجة أن إحدى الدراسات الطبية أكدت أن حالات الاكتئاب بين أمهات التوائم كانت خمسة أضعاف معدلاتها بين الأمهات العاديات، أو أمهات الطفل الواحد. ومن هنا نشأت الحاجة في المجتمعات المتقدمة إلى وجود جمعيات ومؤسسات خاصة لرعاية التوائم وأمهات التوائم، ومهمتها الأساسية مساعدة الأمهات في توفير الرعاية والرضاعة للطفلين. ومشكلة أخرى تنجم عن ولادة التوائم هي مشكلة اجتماعية تتعلق بشخصية التوأم نفسه، فالتوأم يجب أن يحظى برعاية متساوية تماما من جانب الأم والأب، بمعنى أنه لا يمكن أن يحظى طفل بوقت رضاعة أطول من الآخر، لأن هذا قد يثير الثاني على الأول، كما لا يجب أن ينام أحدهما بجوار أمه في سريرها مثلا وينام الآخر بمفرده، وهكذا. والمساواة هنا لا تعني مجرد قيام الأم بشراء ملابس مشابهة لكل منهما، فهذا ليس كافيا، بل إن هذا الأمر شكلي للغاية، ما يلبث للتوأم أن يحاول التخلص منه بعد مرور ست أو سبع سنوات من أجل أن يتميز عن قرينه ولكي تصبح له شخصيته المستقلة. وهناك عدة نصائح يوجهها الأطباء دائما إلى أمهات التوائم للحفاظ على المعاملة العادلة والمتساوية للتوأم، من بينها:
أن تنادي كلا منهما باسمه، وأن تحرص على عدم الخطأ في اسم أي منهما، وذلك حتى تصبح لكل منهما شخصيته المستقلة منذ الطفولة.
يراعي بعد سن الرابعة أو الخامسة أن تكون ملابس التوأم مختلفة، ويا حبذا لو اختلفت تسريحات الشعر واختلفت ألعاب كل طفل، لأن المواءمة في كل شيء حتى سن متقدمة سيمنع كلا الطفلين من الإحساس بقيمته وشخصيته المستقلة.
أن تتعامل الأم مع الطفلين على أنهما شخصان منفصلان تماما، فليس من الضروري إذا اشترت شيئا ما كقطعة حلوى مثلا لطفل أن تشتري مثلها بالضبط للآخر، بل إنها يجب أن تجعلهما يعتادان على أن تكون لكل منهما شخصيته وطموحاته المستقلة.
* بين الحياة والموت
تعد التوائم الملتصقة حالة من الحالات النادرة جدا في دنيا التوائم، ولكن تقدم طب الجراحة هذه الأيام سهل كثيرا من إجراء فصل التوائم الملتصقة، حيث نجحت بالفعل عمليات فصل كثيرة جرت لتوائم أصبحوا الآن في حالة صحية جيدة، بعد أن كانت هذه المشكلة قديما تعني حتمية وفاة التوأم.يخضع التوأم الملتصق في بادئ، الأمر إلى مجموعة كبيرة من الفحوصات لتحديد ونوع عدد الأعضاء المتوافرة لكل منهما والأعضاء المشتركة بينهما من أجل عمل خطة متكاملة لعملية الفصل. وهناك بعض الأمثلة في العصر الحديث لعمليات فصل نجحت وأخرى لم تنجح، وذلك كما يلي:
لالا ولادن بيجاني: شقيقتان إيرانيتان، لم تعرفا الفراق طيلة عمرهما، فعاشتا معا وجهين في رأس واحد، ورغم ذلك ظلت الشقيقتان تبحثان عن فرصة تتيح لهما الانفصال، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة، وأجريت لهم عملية فصل صعبة في سنغافورة استغرقت 96 ساعة بلا توقف.
وكان معروفا منذ البداية أن هذه العملية ستؤدي إما إلى فصلهما أو إلى موتهما معا، وبالفعل، نجح الجراحون في المرحلة الأولى من الجراحة في فصل رأسيهما، كما تمكنوا من التغلب على مشكلة وجود وريد مشترك لتغذية الدماغين بالدم لكل منهما، ولكن حدث عدم استقرار في الدورة الدموية خلال العملية، وفقدت الشقيقتان كمية كبيرة من الدم وفارقتا الحياة منفصلتين، ووضعت كل منهما في نعش مستقل.
محمد وأحمد إبراهيم: توأم مصري ملتصق من عند الرأس، ظلا متصلين لمدة تزيد على 27 شهرا، دخلا غرفة العمليات في مستشفى بولاية تكساس الأمريكية وسط دعوات الملايين لنجاح العملية، وكانت الأسباب المشجعة لإجراء العملية أنه كان لهما مخان منفصلان يمكن تقسيمهما فيما بينهما، وأنهما كانا يشتركان في أوردة كبيرة.
وأكد الأطباء الأمريكيون أن صغر سن التوأم وقتها يعطيهما ميزة تجاوز مراحل الخطر في العملية، كما أن عظامهما وأنسجتهما تتحمل العملية والشفاء السريع، وبالفعل نجحت العملية وأصبح أحمد يرقد الآن في سرير منفصل عن شقيقه محمد، ويتمتعان بصحة جيدة.
هناء وآلاء: وضعت الأم نور الفلاحة توأمها في منزلها بمحافظة القليوبية، وفوجئت بحالة الالتصاق لهما من الظهر بمجرد وصول التوأم إلى المستشفى، وضعا تحت الملاحظة الطبية والفحوصات التي أكدت التصاقهما من أسفل الظهر، وقرر الأطباء المصريون إجراء عملية الفصل بعد بلوغهم من العمر ثلاثة أشهر، وذلك لعدم كفاية مساحة الجلد التي ستستخدم لترقيع الأجزاء التي ستكشف بعد العملية.
وبدأ الأطباء بإجراء جراحة أولية لزرع بالونات تحت الجلد لنفخها تدريجيا عندما بلغت الطفلتان سن الستة أشهر وبدأت خطوات الفصل للفقرات الملتصقة بحرص شديد، وتأكد الأطباء من سلامة النخاع الشوكي والأعصاب، وتم فصلهما بعناية فائقة وبالغة الدقة.
الطفلة منار: ولدت الطفلة منار ماجد وملتصق بها توأم طفيلي من الجمجمة لم يكتمل نموه، فقام فريق من أطباء مستشفى بنها التخصصي بفصل التوأم الطفيلي بنجاح كبير فيما وصف بأنه شهادة دولية على مهارة الأطباء المصريين في هذا المجال، لدرجة أن البرنامج التليفزيوني الأمريكي الشهير الذي تقدمه المذيعة اللامعة أوبرا وينفري أذاع تفاصيل العملية التي أجريت لمنار وسط إعجاب العالم كله.
* دراسة كندية
ذكرت دراسة كندية أن النساء الحوامل في توأمين أو ثلاثة توائم أو أربعة تتعرض صحتهن لمشكلات خطيرة أكثر من اللواتي يحملن جنينا واحدا. ووجد باحثون في جامعتي أوتاوا وتورونتو درسوا حالات 4.4 مليون حالة ولادة في كندا أن المرأة الحامل في جنينين أو أكثر تصبح أكثر عرضة بنحو 13 مرة تقريبا للإصابة بضعف في القلب، وما يزيد على المثلين للإصابة بجلطات في الساقين والرئتين، وكلاهما سبب رئيسي لوفاة الأم. وفاجأت نتائج الدراسة التي نشرت في عدد ديسمبر/ كانون الأول من المجلة البريطانية للتوليد وطب النساء قائد فريق الباحثين مارك ووكر الباحث بمعهد أبحاث الصحة في أوتاوا. وقال ووكر: “هؤلاء شابات يتمتعن بالصحة وفي سن الإنجاب بين 16 و44 عاما، حيث لا تتوقع أن ترى هذه المشكلات الصحية”. ورغم أن الدراسة لم تفرق بين الحمل الطبيعي والتلقيح الصناعي، فإن ووكر قال إنه يأمل في أن تبعث دراسته رسالة إلى عيادات التلقيح الصناعي المسؤولة عن انفجار حمل التوائم في السنوات القليلة الماضية.
** دراسات طبية: عوامل التنشئة لا تؤثر كثيراً في وحدتهم
يعاني التوائم من نفس الأمراض العضوية عند كبر أعمارهم، بل ويتفقون في المشاعر وطريقة التفكير، وذلك حتى لو لم تتم تربيتهم في مكان واحد وظروف واحدة، هذه هي النتيجة العلمية التي ثبت صحتها عندما أجرى الباحثون في جامعة مينسوتا الأمريكية دراستهم التي شملت ثلاثة وخمسين توأما متطابقا وثلاثين توأما غير متطابق. وكانت أهم الشروط عند اختيار هؤلاء التوائم ألا يكونوا قد تربوا أو نشأوا في نفس البيئة، أي أن يكون كل منهم قد نشأ في مكان مختلف وفي ظروف تنشئة وتربية مختلفة. كان الباحثون يسعون من خلال هذه الدراسة إلى التوصل إلى الصفات المشتركة بين كل توأم، وتوقعوا في بداية الأمر أن الصفات المشتركة بين التوائم المتطابقة ستكون أكثر من الصفات المشتركة بين التوائم غير المتطابقة، حيث يحمل كل توأم متطابق نفس الحامض النووي.
أما الصفات التي لا تتطابق بين التوائم، فقد توقع الباحثون أن يرجع السبب في اختلافها إلى تأثير البيئة التي نشأ فيها كل طفل بعيدا عن أخيه التوأم.
وبالفعل، أكدت نتائج الدراسة صدق توقعات الباحثين، حيث كشفت النقاب عن أن هناك العديد من الصفات المشتركة بين التوائم المتطابقة، رغم نشأة كل أخ بعيدا عن أخيه، حتى إنه في بعض الحالات كان التوأم يعاني من نفس الأمراض التي يعاني منها نصفه الآخر، سواء الأمراض العضوية مثل الصداع النصفي، أو النفسية مثل الخوف من الأماكن المرتفعة، والسبب في ذلك هو أن التوائم المتماثلة تشترك في نفس الجينات، بينما لا تتشابه جينات التوائم غير المتماثلة، وهذا يعني أن احتمال إصابة التوائم المتماثلة بنفس الأمراض الوراثية أمر متوقع بسبب وجود نفس الاستعداد الوراثي.
وفي إحدى الدراسات الأخرى حول احتمال إصابة التوأم المتطابق بمرض السكر كانت نسبة الإصابة به تبلغ 80%، وكان المفترض أن يصاب التوأم الآخر بنسبة 100%، وهذا ما لم يحدث، ولذلك استدل العلماء بهذه الملاحظة إلى أنه توجد عوامل غير وراثية بيئية مثلا - هي التي تزيد أو تقلل من أهمية العوامل الوراثية، أما بالنسبة للذكاء والقدرات اللغوية لدي التوائم، فقد تناولت هذا الموضوع دراسة أمريكية شملت المقارنة بين عشرين زوجا من التوائم، نصفهم من التوائم المتطابقة والنصف الآخر من التوائم الاعتيادية غير المتطابقة، تم خلالها فحص أدمغة هؤلاء التوائم باستخدام جهاز للكشف الطبي له القدرة على التمييز بين المادة الرمادية والمادة البيضاء، وتسمى المادة الأولى بالرمادية بسبب لونها الظاهر للعين المجردة، وهي المناطق في الدماغ المتكونة من رؤوس أو نهايات الخلايا العصبية والتي تعكس كثافتها ارتفاع نسبة الذكاء.
وتبين للعلماء من خلال هذه الدراسة أن التوائم المتطابقة كان لها نفس حجم وكثافة المادة الرمادية، وهو ما لم يجدوه في التوائم غير المتطابقة، الذين عادة ما يحملون نصف الموروثات المتشابهة فقط، كما يوجد توارد للخواطر ووحدة للمشاعر بين التوأم، فهما يبكيان ويشعران بالجوع في وقت واحد.
وعن معتقداتهم الدينية ومشاعرهم الروحانية، اتفقت إجابات التوائم المتطابقة أيضا، أي أن درجة الإيمان سواء زادت أو نقصت كانت متطابقة عند كل توأم، إلا أن إجابات كل أخ اختلفت تماما عن إجابات أخيه عند سؤالهما حول ممارستهما للشعائر الدينية، مما يشير إلى ارتباط ذلك بالثقافة والبيئة التي ينشأ فيها كل فرد.
* منظمات وجمعيات تهتم بشؤونهم
توجد العديد من المنظمات المهتمة بالتوائم في العالم باستثناء العالم العربي! ففي دول العالم الثالث سنجد مركز تنمية وتثقيف التوائم في سريلانكا، ومنظمة في غانا، ومنظمة أخرى نيجيريا، كما توجد منظمة أسسها آباء التوائم في جمهورية روسيا البيضاء، ومنظمة أخرى للولادة المتعددة في جنوب إفريقيا. أما في دول العالم المتقدم، فهناك الكثير من المنظمات والجمعيات المعنية بالتوائم، سواء من النواحي الاجتماعية أو التربوية أو الصحية. ففي الولايات المتحدة توجد جمعية التوائم الدولية التي أنشئت عام ،1934 وهي منظمة غير حكومية تهتم بالتوائم وبصحتهم البدنية والنفسية والاجتماعية، وأنشطة هذه المنظمة التي يوجد مقرها في إنديانا ليست قاصرة على الولايات المتحدة فحسب، وإنما تمتد لتشمل مختلف أنحاء العالم، وتوجد أيضا في الولايات المتحدة المنظمة الوطنية لأمهات التوائم التي تأسست عام ،1962وفي إيطاليا، توجد المنظمة الدولية للدراسات الخاصة بالتوائم، وهدفها المضي قدما في الأبحاث الخاصة بالتوائم وتطوير الخدمات التعليمية المقدمة إليهم في جميع المجالات، أما في المملكة المتحدة فتوجد جمعية التوائم والولادات المتعددة، وهي أيضا مهتمة بمساعدة التوائم وعائلاتهم، والنادي الوطني لأمهات التوائم، كما توجد في كندا منظمة تحمل اسم منظمة الولادات المتعددة.
* إعلان الحقوق وبيان المتطلبات
هل تعلم أنه يوجد ما يسمى ب “الإعلان العالمي لحقوق وواجبات التوائم”؟ هذا الإعلان أو البيان هو الذي أعده مجلس منظمات الولادات المتعددة التابع للمنظمة الدولية لدراسات وأبحاث التوائم، وقد صدر في عام ،1995 ويتحدث بلسان جميع التوائم في العالم وأسرهم. ويحمل البيان عنوان: “إعلان الحقوق.. وبيان المتطلبات”، وهو مكون من شقين أساسيين: الأول يحدد الحقوق الأساسية التي يلزم توافرها للتوائم في أي مجتمع يعيشون فيه، والثاني يتضمن المتطلبات التي يسعى التوائم للحصول عليها في كافة المجتمعات التي ينتمون إليها وتجعلهم قادرين على العيش بصورة طبيعية وسط مجتمعاتهم. وإعلان الحقوق يتضمن في مادته الأولى ما يلي: “للتوائم وعائلاتهم الحق في الحصول على الحماية الكاملة والحرية التامة والوقاية من التميز بأي من أنواعه، وذلك بموجب القانون الدولي”. وتنص المادة الثانية على أهمية أن يكون الآباء والأمهات على دراية كافية بكافة الأسباب التي تؤدي إلى إنجاب أو عدم إنجاب توائم، والمخاطر والأضرار والمميزات التي قد تنجم عن ذلك الأمر. كما يدعو إعلان الحقوق في مادته الخامسة على أهمية توفير إحصاءات وأرقام دقيقة حول مواليد ووفيات التوائم في العالم. أما بيان المتطلبات فهو يتكون من تسع مواد: وينص في مادته الأولى على أن المرأة التي تستعد لاستقبال مولود توأم في حاجة إلى تعليم حول كيفية رعاية وحماية توأمها طبيعيا واجتماعيا وتربويا، بداية من اكتشاف الحمل في توأم أو أكثر، ومرورا بفترة الولادة، ثم الرضاعة والأشهر الأولى، وحتى سن الطفولة المتقدمة.
وشددت هذه المادة على حق المرأة التي تستعد لاستقبال توأم أو أكثر في الحصول على إجازة بدون مرتب من عملها.
كما طالبت المادة الثانية بنفس المتطلبات للأسرة التي تستعد لاستقبال توأم أو أكثر، وشددت بشكل كبير على الجزئية الخاصة بتوافر التعليم اللازم لتنوير كل أفراد الأسرة بكل شيء عن التوائم وأسلوب رعايتهم وتربيتهم والتعامل معهم. ونص بيان المتطلبات في مادته الرابعة على ضرورة توفير رعاية خاصة ودعم طبي للأسر التي تستقبل توأما أو أكثر تظهر إصابتهم بإعاقة أو مرض ما. أما المادة الخامسة فركزت على حق الأسر التي استقبلت توأما أو أكثر في الحصول بسهولة على كافة ما تحتاجه من ملابس وأدوات ومنتجات ألبان وأدوية ووسائل رعاية يحتاجها التوائم. ومجلس منظمات الولادة المتعددة المعروف اختصارا باسم “كومبو” Combo يتألف من ممثلين عن 16 منظمة من عشر دول هي: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبريطانيا والسويد واليابان وألمانيا وبلجيكا وإندونيسيا وتايوان، وهو يتبع المنظمة الدولية لدراسات التوائم المعروفة اختصارا باسم ISTS أبرز المنظمات الدولية المعنية بالتوائم على مستوى العالم، وهي جماعة دولية غير سياسية غير ربحية تضم عدة فروع علمية، هدفها زيادة عدد ومستوى الأبحاث المعنية بالتوائم في كافة المجالات: الصحية والنفسية والتربوية والاجتماعية، وذلك من أجل فائدة التوائم أنفسهم وعائلاتهم والمجتمع بصفة عامة. تأسست هذه الجمعية في العاصمة الإيطالية روما في عام 1974 وعضويتها مفتوحة لأي من التوائم، أو الباحثين في مجال التوائم، أو آباء وأمهات التوائم، أو أي من المهتمين بعالم التوائم بصفة عامة، ومن يرغب في إثراء الأبحاث والدراسات الخاصة بالتوائم. وتنظم هذه المنظمة أو الجماعة مؤتمرا كل ثلاث سنوات يحضره أعضاؤها من شتى أنحاء العالم، وكان المؤتمر الرئيسي قد عقد لآخر مرة في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن في عام ،2004 وعقد المؤتمر السابق له في عام 2001 في لندن. ولكن مؤخرا، بدأت المنظمة تعقد اجتماعات دورية بين كل مؤتمر وآخر، فعقدت بالفعل في 29 يونيو/ حزيران الماضي اجتماعا في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
* أعياد التوائم
الاحتفالات بالتوائم عديدة في العالم أجمع، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، وإن كان لا يوجد حتى الآن يوم محدد للاحتفال بالتوائم في العالم. ولكن الأمر المثير للدهشة والحزن أيضا أن الوطن العربي غائب تماما عن تلك الاحتفالات، حيث لم يسفر البحث في الإنترنت عن أي ذكر لاحتفالات بالتوائم في العالم العربي كله، برغم أن إنجاب التوائم لايتوقف في مختلف الدول العربية. وبنظرة سريعة على الاحتفالات التي تجرى في العالم للاحتفال بالتوائم، نجد أنه يقام احتفال هو الأكبر من نوعه في العالم سنويا في ولاية أوهايو الأمريكية وبالتحديد على بعد 30 ميلا من مدينة كليفلاند، وذلك في أيام الرابع والخامس والسادس من أغسطس/ آب من كل عام. كما ينظم اتحاد أمهات التوائم في أوهايو احتفالا سنويا في يونيو من كل عام غير هذا الاحتفال، ويقتصر على الأمهات اللاتي أنجبن توائم. والاحتفالات عديدة في الولايات المتحدة، حيث يوجد مؤتمر سنوي للتوائم يعقد سنويا في نبراسكا في الفترة من 22 إلى 25 أكتوبر/ تشرين الأول، كما تحتفل ولاية تكساس أيضا بالتوائم في يوم 16 أكتوبر من كل عام، ويتم أيضا تنظيم احتفال كبير لعائلات التوائم على ساحل إنديانا في يوليو من كل عام، ويتضمن الاحتفال مسابقات في السباحة والعدو وبعض الألعاب الترفيهية الأخرى. وفي كندا توجد احتفالات بالتوائم مثل احتفال “بومبا” الوطني الذي يجري في يونيو من كل عام. أما في أوروبا فهناك احتفالات في معظم الدول، إذ تحتفل بهم الدنمارك في مؤتمر سنوي يحضره الباحثون في مجال التوائم لمناقشة أحدث ما وصل إليه العلم في مجال ولادة التوائم ورعايتهم. تنظم إيطاليا احتفالا بالتوائم أيضا في شهر يوليو/ تموز من كل عام يتضمن إقامة ألعاب ترفيهية وعروض أزياء وحفلات غنائية. وفي روسيا يقام احتفال دولي للتوائم في مدينة سانت بطرسبرج في نوفمبر من كل عام. وبعيدا عن أوروبا، فإن دولا آسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية تحتفل بالتوائم، وحتى سريلانكا تقيم احتفالا بارزا لهم في أغسطس/ آب من كل عام، وينظمه مركز التنمية وتثقيف التوائم هناك.
*** طرائــــــــف
في كثير من الأحيان يكون التوأم متشابهين في كل شيء، حتى في طريقة التفكير، أو في الأحداث التي يمر بها.
وفيما يلي بعض الحكايات والنكت المعروفة عن توائم، بعضها قد يكون قد حدث بالفعل، وبعضها ربما يكون من وحي الخيال ولكنه ربما يكون حدوثه واردا في عالم التوائم:
* تشابه في كل شيء
هناك رواية معروفة وطريفة حدثت في احدى الدول العربية مؤخرا، عندما وجدت شقيقتان “توأم” أن الأخطاء التي ارتكبتها كل منهما في مادة الرياضيات في امتحان الثانوية العامة تكاد تكون متقاربة، رغم أن كلا منهما جلست في قاعة بعيدة عن الأخرى. والطريف أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل إنه بعد عودة الشقيقتين إلى البيت بعد الامتحان، أصيبت إحداهما بمغص شديد، وما هي إلا ثوان حتى شعرت الأخرى بنفس الألم الذي شعرت به أختها، فذهبتا إلى المستشفى في اليوم نفسه لإجراء عملية استئصال الزائدة الدودية لكل منهما.
* الحلاقة بالمجان
اتفق توأمان على مداعبة حلاق بنجلاديشي، حيث دخل أحدهما إلى دكان الحلاق فقال له: “إن لي شعرا ينبت سريعا جدا، لدرجة أنه قد ينبت في هذه الليلة”، فضحك الحلاق غير مكترث بما يقوله الزبون، فقال الشاب له بجدية: “لو نبت شعري اليوم هل تحلق لي مجانا”؟ أجاب الحلاق: “نعم.. أحلق لك مجانا”. وفي المساء، جاء الأخ التوأم للحلاق بشعره الكثيف، وما إن رآه الحلاق حتى أصيب بالدهشة، واضطر لأن يحلق له بالمجان، وفي النهاية أخبره الزبون الثاني بالحقيقة.
* أخ
في جلسة عائلية، جلس زوج مع زوجته في حضور شقيقه التوأم، وكانت الزوجة تغطي رأسها. وما إن قام أحدهما من المجلس، حتى رفعت الزوجة غطاء الرأس عن وجهها ظنا منها أن شقيق زوجها هو الذي قام، ولكنها اكتشفت سريعا أن زوجها هو الذي قام وليس أخاه !
* علاج فعال
طفلتان توأم، مرضت إحداهما ذات مرة، وذهب بها والدها وحدها إلى الطبيب، فكتب لها علاجا، على أن تعود مرة أخرى بعد أيام للاستشارة، لكي يرى مفعول الدواء. وبعد أن عادت تعجب الطبيب من سرعة مفعول الدواء، ولكن زال العجب عندما علم الأب أنه أتى بالبنت الأخرى خطأ.
المرض عن بعد
شقيقان توأم، أحدهما في اليمن، والآخر في بريطانيا، كان ملحوظا عليهما أنهما دائما ما يمرضان معا، فبمجرد ما يمرض هذا في اليمن اعتاد الأهل على أن يبادروا بالاتصال بالأخ المغترب في بريطانيا للاطمئنان عليه.
* ضرب من دون سبب
في إحدى لجان الامتحانات، كان المعلم يتجول بين الطلاب وينظر إليهم بتمعن، ولكنه دهش عندما فوجئ بطالب يجلس في يمين الفصل، وفي مرة أخرى وجده قد انتقل ليجلس في الشمال، فأوشك أن يعاقبه، وبالفعل توجه لكي يضربه، ولم ينقذه من يد المعلم سوى زملائه الذين أفهموه بأن هناك شقيقين توأم في اللجنة، أحدهما يجلس في اليمين والآخر في اليسار!
* ستة توائم كل ساعة
أكد تقرير حول ظاهرة التوائم في مصر أن هناك 60 ألف توأم يأتون إلى الحياة في مصر سنويا، بمعدل 164 توأما كل يوم، أي ستة توائم في الساعة الواحدة! وبحسبة بسيطة، فإن هناك توأما يولد كل عشر دقائق في مصر، وهذه الظاهرة تمثل نسبة ثمانية توائم في كل 150 مولودا. ويعتبر التوائم في بلد مثل مصر أو في الدول النامية عموما، بخلاف الدول الغربية مثلا، أقل حظا من المواليد العاديين لأنهم لا يجدون الرعاية الصحية والاجتماعية الكاملة من جانب الأم والأسرة والمجتمع، خاصة إذا كانت الأسرة من الطبقة المتوسطة، الأمر الذي يمثل تهديدا لحياة هؤلاء التوائم وأمهاتهم، سواء عند الولادة، أو عند وصول التوائم مرحلة الطفولة. كما أن عمليات فصل التوائم الملتصقين تعد من أصعب العمليات الجراحية، في مصر وغيرها، حيث تتطلب فريقاً طبياً متخصصاً ومتمكناً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق