الاثنين، 13 ديسمبر 2010

الملوّثات.. تدمّر مناعة الأطفال


يقول باحثون إن مادة ملوثة تم حظرها على المستوى العالمي، وتعرف بإسم "بوليكلوينيتد بيفينيلز" أو "بيه سي بي"، يمكن أن تلحق دماراً شديداً في الجهاز المناعي عند الأطفال قبل بلوغهم مراحل نمو متقدمة... هذه المادة تؤدي إلى الإصابة بأمراض عديدة تتراوح بين حساسية الجلد وحتى السرطان.
وتفيد دراسة نشرت نتائجها أخيراً في إحدى المجلات العلمية المرموقة أن ثلاثة ملايين طفل دون الخامسة، يموتون سنوياً لأسباب وظروف تتعلق بالبيئة. وفي البلدان النامية بوجه خاص تكون الأخطار البيئية والملوثات عوامل إسهام رئيسة في وفيات الأطفال وأمراضهم. ويقصد بالملوثات المواد الكيماوية السائلة أو الصلبة أو الغازية أو الإشعاعية أو الجرثومية العالقة بالهواء أو الداخلة في تركيب وحفظ بعض الأغذية والمشروبات، وهي ناتجة عن أنشطة الإنسان المختلفة صناعية كانت أم عمرانية ووسائل النقل المختلفة. وهذه الملوثات تترك آثارها الضارة على جميع الكائنات الحية وبالأخص الأطفال.
وللوقوف على أبعاد هذه المشكلة والتأثيرات السلبية للتلوث البيئي بمختلف أنواعه على صحة الأم والطفل في هذا الموضوع لقاء مع الدكتور محمد أحمد، أخصائي الأطفال بمستشفى بلهول الأوروبي في دبي.
* ما مدى تأثر الأطفال بالملوثات البيئية؟
- يمكن أن يبدأ التعرض للمخاطر البيئية المؤثرة في الصحة من قبل الولادة؛ فالرصاص الموجود في الجو، والزئبق الموجود في الطعام والمواد الكيميائية الأخرى يمكن أن تفضي على المدى الطويل إلى آثار خطيرة في أغلب الأحيان، ومنها مثلاً العقم والإجهاض وعيوب الولادة. وتعرض المرأة لمبيدات الهوام والمذيبات والملوثات العضوية قد يؤثر في صحة الجنين. وإذا كان ارتفاع وتغير نسبة السكر في دم الحامل وهو عامل داخلي يؤثر سلباً أحياناً بالجنين، فمن باب أولى أن تؤثّر المواد الخارجية أو الكيماوية أو المسرطنة في مرحلة التخليق والتكوين، خاصة في الشهور الأولى من عمر الجنين، وقد أثبتت الدراسات أن ما بين 40- 50% من تلوث الهواء والضجيج موجود في المناطق الحضرية.
* ما نوع الخلل الذي تحدثه هذه الملوثات على الطفل بعد الولادة؟
- تؤدي الملوثات إلى الإصابة بأمراض عديدة تتراوح بين حساسية الجلد وعدم النمو الطبيعي، وبعض الملوثات الكيماوية يمكن أن تحدث دماراً شديداً في الجهاز المناعي عند الأطفال وقد تسبب السرطان، وذلك لأن الجسم لا يتعامل مع تلك المواد على أنها مفيدة له مثل البروتينات والدهون والسكريات والفيتامينات والخمائر والأنزيمات التي يتعرف إليها الجسم بسهولة ويمتصها مستفيداً منها. أما الملوّثات المختلفة التي تدخل إلى الجسم من خلال الهواء أو الماء أو الأغذية أو بعض الأدوية فإن مخلفاتها التي يطلق عليها (العناصر النشطة الغريبة) لا يستطيع الجسم التعرف إليها والتعامل معها فتبقى حائرة في الجسم ما يؤدي إلى نشاط زائد ومضاعف في جهاز المناعة لمقاومتها والتخلص منها عن طريق الجهاز اللمفاوي والكبد والطحال، وهذا من شأنه إرهاق الجهاز المناعي وحدوث قصور فيه وهو ما يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بالأمراض، مثل: نقص المناعة أو الشعور بالتعب العام وتحسس الجلد والجهاز التنفسي.. إلخ. وعموماً أغلب التأثيرات تكون في تكوين الأعضاء (الأطراف والقلب).
* إلى أي مدى يمكن أن يؤثّر تلوث الهواء بعوادم السيارات في صحة الأطفال؟
- تتمثل مشكلة التلوث الناتج عن عوادم السيارات في ما تطلقه من عناصر الرصاص والكبريت في الجو، وهي من العناصر التي تؤثّر بالأحياء المختلفة بما فيها الإنسان، بحيث تكون كمية الرصاص التي تدخل الجسم أكثر من المعدل المسموح به، وهذا يؤثّر سلباً في تكوين النخاع العظمي مسببة الأنيميا والتأثير المباشر على النمو عند الأطفال، وزيادة نسبة الكبريت تسبب التحسس التنفسي وهو من الأمراض التي بدأت الآونة الأخيرة، وحسب آخر الاحصاءات تشكل أمراض التحسس التنفسي عند الأطفال نحو 25% من الحالات التي تتردد على العيادات. وهنا يجب التنبه إلى أن نسبة التلوث نتيجة عوادم السيارات في دولة الإمارات تكاد تكون بسيطة جداً بفضل الإجراءات التي تتخذها السلطات عند الفحص المروري الدوري للسيارات، وتوفير بترول خالي من الرصاص، والمواصفات والضوابط التي تضعها للتقليل من الملوثات.
* وماذا عن الدخان المتصاعد من استعمال الفحم في أثناء الشواء؟
- إذا كانت عملية الشواء تتم في مكان مفتوح فلا يوجد تأثير مباشر للدخان المتصاعد من الفحم، ولكن يكون التأثير قوياً لدى الأشخاص الذين يعانون من تحسس في الجهاز التنفسي، ولا يفضل إشعال الفحم في الأماكن المغلقة، حيث تشير الاحصاءات إلى أن تلوث الهواء داخل الأماكن المغلقة، يقتل قرابة مليون طفل سنوياً، ومعظم ذلك نتيجة العدوى التنفسية الحادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق